ففي كل مجالات الحياة هناك عنصر هام يعتبر كمرآة تعكس الوجه الحقيقي لمدى
تطور او تخلف هذا المجال سواء كان إقتصاديا او إجتماعيا اوثقافيا او رياضيا
إنه الإعلام هذا العنصر الذي يواكب كل صغيرة وكبيرة إنطلاقا من تغطيته للحدث
بشكل مكتوب اومرئي أو مسموع وكرة القدم بإعتبارها جزء ا من إهتمامات الشعوب
العربية فإن للإعلام دور في الرقي بها لمستوى طموحات الجمهور العربي من خلال
تغطية كاملة لمجريات الأحداث تسودها الحرية في طرح الأفكار والشفافية في تنزيل
الأخبار.فللإعلام الرياضي عامة دور بارز في تلميع الشكل العام لكرة القدم إن هو
إشتغل تحت راية النزاهة وإحترام الضمير المهني .
إن المطلوب من رجل الإعلام ليس فقط إقتناص الأخبار والصور الحصرية وإنما
أن يكون متشبعا بالثقافة الكروية التي تمكنه من تغطية الحدث كما يجب بعيدا عن
الإرتجالية وحب الظهور ونشر الإدعاءأت دون سند إثباتي.
وما يهمنا أكثر في كرة القدم حاليا هو عنصر التعليق الرياضي لما له من ثقل على
الساحة الكروية فهناك صراحة من أخذ المشعل مقلوبا فحرق اصابعه قبل أن تحرقنا
ناره فجل المتتبعين لمختلف المباريات يكادو يجمعون على محدودية الرصيد المعرفي
الكروي لهؤلاء المتسلطين على التعليق لغة ركيكة لا تستوجب لأدنى شروط المعلق
الرياضي تحيز فكري وتعصب لفريق على آخر بالإظافة لأشياء أخرى لايمكن وصفها إلا بالغباء والتخلف الفكري .
فبينما كنت متابعا لإحدى مباريات الدوري الإسباني لفتت إنتباهي إحدى كلمات
معلق الجزيرة الرياضية والتي قال فيها وهو يستجمع انفاسه: ـ إنظروا لهاتين
الفتاتين ..وأنظرو لهاته الأعين الجميلة ..ـ حينها احسست بنوع من الغبطة
أتجاه هذا المعلق الذي ليس بينه وبين التعليق إلا الخير والإحسان كلام أقرب
إلى الغزل ناسيا اومتناسيا ان ملايين المشاهدين يتابعون اللقاء ...وآخر يترك
التعليق عن المبارة ويبدأ بشتم الخضارين والجزارين بتهة الزيادة في ألاسعار
أما احدهم ولازالت تضحكني كلماته حينما حط طائر عملاق باحد الملاعب
الإفريقية بدأ يسرد نقاط القوة ونقاط الضعف عند هذا الطائر والكارثة العظمى
انه قدم لنا معلومة تفيد أن هذا الطائر تلزمه مساحة كبيرة حتى يحلق...
كل هذا ويسمونه الإعلام الرياضي الناجح ويستندون في ذلك للسيط والشهرة
المجنونة التي وصل إليهاهذا الإعلام لقد اصبح الواحد منا يجد نفسه مرغما على
الإستماع لثرثرة هؤلاء .
*حين لا يعير الإنسان أية أهميّة لمستوى عقلية المتلّقي ولا لقيمة الوقت ألذي يضيعه في الكلام الإنفعالي والإجترار الممل فقط ليفرغ ما إحتبس في دواخله من توترات وقتية وهموم مزاجيّه , يكون في ذلك قد عزل كيانه بشكل طوعي عن سلطان العقل ألذي يتحكّم في تنظيم فعالياته الحياتيه , أي أنها ظاهرة تفقده حالة الإتزان الطبيعيه المثمره وتقللّ من مصداقيته كي تحيله بالتالي إلى ماكنة خاوية من أي مادة أولية للتصنيع وهي تدور بعتلاتها و أذرعها اّكِلَة ً من جسد أجزائها لا تقذف لنا سوى برادة إعتدنا أن نسميّها نفايات واجب علينا التخلّص منها.*
_تروتسكي_
فمن يعلم ربما تكون نتائج دراسات جامعة أوكسفورد صحيحة ومفادها:
أن الثرثرة يمكن ان تكون مفيده للصحة حيث تطيل أعمار
الذين يمارسون الثرثرة المعقولة ألتي تزيد من علاقاتهم الإجتماعية وتخفف عن هموهم